الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
(267) وسئل - أعلى الله درجته في المهديين-: عن حكم اتباع العلماء أو الأمراء في تحليل ما حرم الله أو العكس؟ فأجاب بقوله:اتباع العلماء أوالأمراء في تحليل ما حرم الله أو العكس ينقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول : أن يتابعهم في ذلك راضياً بقولهم مقدماً له ساخطاً لحكم الله ، فهو كافر لأنه كره ما أنزل الله ، وكراهة ما أنزل الله كفر لقوله - تعالى - : القسم الثاني : أن يتابعهم في ذلك راضياً بحكم الله ، وعالماً بأنه أمثل واصلح للعباد والبلاد ، ولكن لهوى في نفسه تابعهم في ذلك فهذا لا يكفر ولكنه فاسق. فإن قيل : لماذا لا يكفر ؟ أجيب : بأنه لم يرفض حكم الله ، ولكنه رضي به وخالفه لهوى في نفسه فهو كسائر أهل المعاصي . القسم الثالث: أن يتابعهم جاهلاً يظن أن ذلك حكم الله فينقسم إلى قسمين: القسم الأول : أن يمكنه معرفة الحق بنفسه فهو مفرط أو مقصر فهو آثم ؛ لأن الله أمر بسؤال أهل العلم عند عدم العلم. القسم الثاني: أن يكون جاهلاً ولا يمكنه معرفة الحق بنفسه فيتابعهم بفرض التقليد يظن أن هذا هو الحق فلا شيء عليه ، لأنه فعل ما أمر به وكان معذوراً بذلك،ولذلك ورد عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : (268) سئل فضيلة الشيخ : عن تعريف الطاغوت؟ فأجاب بقوله : الطاغوت مشتق من الطغيان ، والطغيان مجاوزة الحد ومنه قوله - تعالى - : واصطلاحاً أحسن ما قيل في تعريفه ما ذكره ابن القيم - رحمه الله - أنه - أي الطاغوت -: "كل ما تجاوز به العبد حده من معبود ، أو متبوع أو مطاع". ومراده بالمعبود والمتبوع والمطاع غير الصالحين، أما الصالحون فليسوا طواغيت وإن عبدوا ، أو اتبعوا ، أو أطيعوا فالأصنام التي تعبد من دون الله طواغيت وعلماء السوء الذين يدعون إلى الضلال والكفر ، أو يدعون إلى البدع ، وإلى تحليل ما حرم الله ، أو تحريم ما أحل الله طواغيت والذين يزينون لولاة الأمر الخروج عن شريعة الإسلام طواغيت ، لأن هؤلاء تجاوزوا حدهم ، فإن حد العالم أن يكون متبعاً لما جاء به النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ، لأن العلماء حقيقة ورثة الأنبياء ، يرثونهم في أمتهم علماً ، وعملاً ، وأخلاقاً ، ودعوة ، وتعليماً ، فإذا تجاوزوا هذا الحد وصاروا يزينون للحكام الخروج عن شريعة الإسلام بمثل هذه النظم فهم طواغيت ؛ لأنهم تجاوزوا ما كان يجب عليهم أن يكونوا عليه من متابعة الشريعة. وأما المطاع في قوله - رحمه الله - فيريد به الأمراء الذي يطاعون شرعاً ، أو قدراً، فالأمراء يطاعون ، شرعاً إذا أمروا بما لايخالف أمر الله ورسوله فالواجب على الرعية إذا أمر ولي الأمر بأمر لا يخالف أمر الله الواجب عليهم السمع والطاعة ، وطاعتهم لولاة الأمر في هذه الحال بهذا القيد طاعة الله - عز وجل - ولهذا ينبغي أن نلاحظ حين ننفذ ما أمر به ولي الأمر مما تجب طاعته فيه أنا في ذلك نتعبد لله - تعالى - ونتقرب إليه بطاعته ، حتى يكون تنفيذنا لهذا الأمر قربة إلى الله - عز وجل - وإنما ينبغي لنا أن نلاحظ ذلك لأن الله - تعالى - يقول : : وأما طاعة الأمراء إذا قدراً فإن الأمراء كانوا أقوياء في سلطتهم فإن الناس يطيعونهم بقوة السلطان وإن لم يكن بوازع الإيمان ، لأن طاعة ولي الأمر تكون بوازع الإيمان وهذه هي الطاعة النافعة ، النافعة لولاة الأمر ، والنافعة للناس أيضاً ، وقد تكون الطاعة بوازع السلطان بحيث يكون قوياً يخشى الناس منه ويهابونه لأنه ينكل بمن خالف أمره. ولهذا نقول : إن الناس مع حكامهم في هذه المسألة ينقسمون إلى أحوال أربع. الحالة الأولى : أن يقوى الوازع الإيماني والرادع السلطاني وهذه أكمل الأحوال وأعلاها . الحالة الثانية : أن يضعف الوازع الإيماني والرادع السلطاني وهذه أدنى الأحوال وأخطرها على المجتمع ، على حكامه ومحكوميه ؛ لأنه إذا ضعف الوازع الإيماني والرادع السلطاني حصلت الفوضى الفكرية والخلقية ، والعملية . الحالة الثالثة : أن يضعف الوازع الإيماني ويقوى الرادع السلطاني وهذه مرتبة وسطى لأنه إذا قوي الرادع السلطاني صار أصلح للأمة في المظهر فإذا اختفت قوة السلطان فلا تسأل عن حال الأمة وسوء عملها . الحالة الرابعة : أن يقوى الوازع الإيماني ويضعف الرادع السلطاني فيكون المظهر أدنى منه في الحالة الثالثة لكنه فيما بين الإنسان وربه أكمل وأعلى . والمهم أننا نقول : إنه ينبغي لنا عند تنفيذ أوامر السلطان أن نعتقد أننا نتقرب إلى الله - عز وجل -بذلك . وإنما قال ابن القيم : إن الطاغوت "ما تجاوز به العبد حده من معبود ، أو متبوع ، أو مطاع " لأن الأمير الذي يطاع قد يأمر بما يخالف أمر الله ورسوله فإنه حينئذ لا سمع له ولا طاعة ، ولا يجوز لنا أن نطيعه في معصية الله -سبحانه وتعالى - لأن الله - تعالى - جعل طاعتهم تابعة لطاعته وطاعة رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، كما يفهم من سياق الآية :
(269) سئل فضيلة الشيخ : عمن يدعي أنه ينفع ويضر وحكم تصديقه؟ فأجاب قائلاً : هؤلاء الذين يدعون أنهم ينفعون ، أو يضرون كذبة لا يجوز لأحد أن يصدقهم، ولا أن يسألهم ، ويجب على من علم بهم أن يبلغ ولاة الأمور ليتخذوا اللازم ، فلا أحد يملك النفع والضرر إلا الله وحده لا شريك له حتى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال الله له : وإني أقول لهؤلاء الذين يتوهمون صدق ما قاله هؤلاء الدجاجلة أقول لهم :اثبتوا على دينكم وإيمانكم ، واعلموا أنه لا يملك أحداً الضرر والنفع إلا الله وحده لا شريك له ، وقد ثبت عن النبي ، صلى الله عليه وسلم، أنه قال لابن عباس - رضي الله عنهما - : "واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك" . وفي القرآن الكريم لما ذكر الله السحرة قال: (270) سئل فضيلة الشيخ : عن أنواع الشرك ؟ فأجاب بقوله : سبق في غير هذا الموضع أن التوحيد يتضمن إثباتاً ونفياً ، وأن الاقتصار فيه على النفي تعطيل ، والاقتصار فيه على الإثبات لا يمنع المشاركة فلهذا لا بد في التوحيد من النفي والإثبات ، فمن لم يثبت حق الله - عز وجل - على هذا الوجه فقد أشرك. والشرك نوعان : شرك أكبر مخرج عن الملة ، وشرك دون ذلك. النوع الأول : الشرك الأكبر وهو : "كل شرك أطلقه الشارع وهو يتضمن خروج الإنسان عن دينه" مثل أن يصرف شيئاً من أنواع العبادة لله - عز وجل - لغير الله ،كأن يصلي لغير الله ، أو يصوم لغير الله ، أو يذبح لغير الله ، وكذلك من الشرك الأكبر أن يدعو غير الله - عز وجل - مثل أن يدعو صاحب قبر ، أو يدعو غائباً ليغيثه من أمر لا يقدر عليه إلا الله - عز وجل - وأنواع الشرك معلومة فيما كتبه أهل العلم . النوع الثاني : الشرك الأصغر وهو : "كل عمل قولي ، أو فعلي أطلق عليه الشرع وصف الشرك ولكنه لا يخرج من الملة" مثل الحلف بغير الله فإن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال : ومن أنواع الشرك الأصغر : الرياء مثل أن يقوم الإنسان يصلي لله - عز وجل- ولكنه يزين صلاته لأنه يعلم أن أحداً من الناس ينظر إليه فيزين صلاته من أجل مراءاة الناس فهذا مشرك شركاً أصغر ؛ لأنه فعل العبادة لله لكن أدخل عليها هذا التزيين مراءاة للخلق ، وكذلك لو أنفق ماله في شيء يتقرب به إلى الله لكنه أراد أن يمدحه الناس بذلك فإنه مشرك شركاً أصغر ، وأنواع الشرك الأصغر كثيرة معلومة في كتب أهل العلم.
(271) وسئل فضيلة الشيخ : هل قوله - تعالى - : فأجاب قائلاً : اختلف في ذلك أهل العلم : فمنهم من قال : يشمل كل شرك ولو كان أصغر كالحلف بغير الله فإن الله لا يغفره ، وأما بالنسبة لكبائر الذنوب كالخمر والزنى فإنها تحت المشيئة إن شاء الله غفرها وإن شاء أخذ بها. وشيخ الإسلام اختلف كلامه ، فمرة قال: الشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر ، ومرة قال : الذي لا يغفره الله هو الشرك الأكبر. وعلى كل حال يجب الحذر من الشرك مطلقاً ؛ لأن العموم يحتمل أن يكون داخلاً فيه الأصغر لأن قوله :
كيف يمكن الجمع بين حديث :
(272) سئل فضيلة الشيخ : عن الجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم ، : فأجاب فضيلته بقوله : الجمع بين النصوص المذكورة أن يأس الشيطان أن يعبد في جزيرة العرب لا يقتضي عدم الوقوع لأنه لا يعلم الغيب ، فالشيطان لما رأى تخليص الجزيرة من الشرك وتوطيد دعائم التوحيد ظن أن لا شرك في الجزيرة بعد هذا ، ولكن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، الذي ينطق بالوحي من الله - تعالى -، أخبر أنه سيكون ذلك . وأما وقوع ذلك في الجزيرة إبان ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله تعالى - فلا يخلو إما أن يكون لقلة العلماء،أو لعجزهم عن الإصلاح لغلبة الجهل وكثرة الجهال.والله أعلم بحقيقة الحال.
(273) سئل فضيلة الشيخ : ما معنى قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : فأجاب قائلاً : يأس الشيطان أن يعبد في جزيرة العرب لا يدل على عدم الوقوع ؛ لأنه لما حصلت الفتوحات وقوي الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجاً أيس أن يعبد سوى الله في هذه الجزيرة . فالحديث خبر عما وقع في نفس الشيطان ذلك الوقت ولكنه لا يدل على انتفائه في الواقع .
|